نهاية الحلم الصيني- تراجع النمو وتحديات اقتصادية عالمية
المؤلف: حسين شبكشي11.04.2025

لطالما سادت قناعة راسخة بأن العالم يشهد حقبة "القرن الآسيوي"، حيث تدور الأمور في فلك النفوذ الصيني المتنامي. إلا أن ثمة دلائل جلية ومهمة للغاية تشير إلى أن الازدهار الصيني الهائل قد بلغ نهايته، وأننا نشهد الآن انحسارًا خطيرًا، وهو تحول سيترك تداعيات سلبية على الدول التي ارتكزت في نموها على الصعود الصيني.
في طليعة هذه المؤشرات المقلقة، يأتي الارتفاع المذهل والمفاجئ في حجم الدين العام الصيني، بالإضافة إلى الأزمة الديموغرافية الحادة التي تعصف بالبلاد، وتتجلى في شيخوخة نسبة كبيرة من السكان والانخفاض المخيف في معدلات الولادة. فخلال العقد القادم، ستخسر الصين أكثر من 70 مليون شخص من القوى العاملة بسبب التقاعد، بينما سينضم حوالي 130 مليون شخص إلى نظام التقاعد الرسمي.
يزيد الأمر تعقيدًا، الدخول في مرحلة خطيرة من النضوب الحاد للموارد الطبيعية، مما أدى إلى جفاف ما يزيد على نصف الأنهار، وتلوث أكثر من 60% من المياه الجوفية، وفقًا لتصريحات الحكومة الرسمية، التي أكدت أنها غير صالحة للاستهلاك البشري أو الاستخدام الصناعي. تجدر الإشارة إلى أن الصين قد استنزفت جميع مواردها من الطاقة، بما في ذلك الفحم الذي أصبح نادرًا جدًا، مما حولها إلى أكبر مستورد للطاقة في العالم بشتى أنواعها. كما أنها المستورد الأول للمواد الغذائية على مستوى العالم، إذ لم تعد الصين قادرة على إطعام شعبها بسبب موجة الجفاف والتصحر التي ضربت أراضيها. لقد شكلت الموارد الطبيعية المستوردة عبئًا ثقيلاً على الاقتصاد الصيني، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب التضخم الحاد.
مع مرور الوقت، فقدت الصين طريقها السهل والمرن إلى أسواق الدول الصناعية الكبرى، حيث فرضت الولايات المتحدة الأمريكية رسومًا جمركية عقابية على المنتجات الصينية، وتبعتها في ذلك الدول الأوروبية واليابان. كما حجبت مجموعة الدول السبع الصناعية عنها الكثير من التقنيات الحديثة والمتطورة. في بدايات الألفية الجديدة، احتفى العالم بأهم خبر اقتصادي آنذاك، وهو الصعود الاقتصادي الهائل للصين وتحولها الكامل إلى سياسات السوق المفتوح، الأمر الذي أدى إلى انتعاش واستفادة العديد من الدول. إلا أن هناك مؤشرات قوية وجدية تشير إلى أن الحقبة الذهبية للصين قد انتهت، وأن هناك واقعًا جديدًا تتضح ملامحه، يتمثل في تراجع النمو وانهيار شركات التطوير العقاري وتدهور مبيعات الشركات المختلفة. ويبقى الأثر الأهم لكل ذلك هو تأثيره على الاقتصاد العالمي.
